- موضوعات متنوعة
- /
- ٠4موضوعات متفرقة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
فرح المؤمنين الصادقين بالنصر الإلهي أشد الفرح :
الله عز وجل أثبت للمؤمنين الصادقين أنهم يفرحون أشد الفرح بالنصر الإلهي :
﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ(4)بِنَصْرِ اللَّهِ (5) ﴾
لكن هذه الكلمة البراقة ، النصر ، يا ترى من أين يأتي ؟ أولاً ما مصدره ؟ يا ترى يأتي من أسلحة فتاكة ؟ يأتي من عدد كبير ؟ يأتي من خطة محكمة ؟ يأتي من انتماء إلى دولة عظمى ؟ من أين يأتي النصر ؟ لا في مفهوم الناس بل بالمفهوم القرآني ، بمنهج الله ، بوحي الله عز وجل ، الله عز وجل حسم الموضوع بآية محكمة واضحة جلية لا لبس بها قال :
﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾
هذا إيمان المؤمن .
من آمن أن قضية النصر متعلقة بالله اتجه إلى الله وحده :
النصر من عند الله لكن المؤمن أمر أن يتعاون مع المؤمنين ، هناك مئات الأوامر أمر بها المؤمن ، أن يتعاون ، أن ينظم أمره ، أن يعد العدة ، ولكن في النهاية :
﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾
أنت حينما تؤمن أن قضية النصر متعلقة بالله ، تتجه إلى الله وحده ، فإذا اتجهت إلى قوى أرضية ، خيبوا ظنك ، وما دامت الأمة تتجه إلى الجهة الفلانية أو العلانية ، أو تعتمد على زيد أو على عبيد وتنسى الله عز وجل فقد ضلت سواء السبيل :
﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾
نصر دين الله و تعظيم أمره الثمن الحقيقي للنصر :
الآن ما ثمن النصر ؟ أمرنا أن نعد العدة ، أمرنا أن نتعاون ، أمرنا مئات الأوامر ، لكن ما الثمن الحقيقي للنصر ؟ الموضوع حسم بآية واحدة :
﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾
النصر من عند الله ،
﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾
فانظر هل أنت تنصر الله ؟ قد يسأل سائل ، الله عز وجل يحتاج إلى من ينصره ؟ قال علماء التفسير : أن تنصر دينه ، أن تعظم أمره ، أن تعلي قدر هذا المنهج العظيم ، أن تكون مطواعاً له ، أن تهتم بهذا الأمر :
﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾
وكل واحد منا بإمكانه أن ينصر دين الله ، أنت حينما تصلي وأنت في مجتمع صلاتك نصر لدين الله ، وحينما لا تسترسل مع مزاح رخيص ، عدم استرسالك نصر للعفة ، وحينما ترفض أن تغتاب أحداً ، عدم غيبتك نصر لهذا الدين ، أي أمر تفعله وأي أمر تنتهي عنه هو في الحقيقة نصر لهذا الدين :
﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾
حقائق كبرى في القرآن الكريم :
1 ـ النصر من عند الله عز وجل :
أنا أريد في هذا اللقاء الطيب أن أبين لكم حقائق كبرى في القرآن الكريم ، أول حقيقة :
﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾
كتأكيد لهذه الحقيقة :
﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾
النصر حليف من صدق ما عاهد الله عليه :
إذا كان الله معك فمن عليك ؟ لا تستطيع جهة في الأرض أن تصل إليك ، وإذا كان الله عليك فمن معك ؟ أقرب الناس يتخلى عنك .
وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ فالنصر من عند الله ، وحينما ترون بوادر النصر لأخوتنا المؤمنين فاعلموا أنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، حينما ترى فئة لا يمكن أن توازن مع جيش عملاق ، مع رابع جيش في العالم ، مع الجيش الأول في المنطقة ، وفئة قليلة مستضعفة آمنت بالله عزّ وجل ، والتجأت إليه ، وأقامت منهجه ، حينما تستمع إلى أخبار طيبة ، حينما ترى أن عدداً قليلاً أذلّ أعتى جيش في المنطقة ، أيضاً ينبغي أن نستنبط أن هؤلاء صدقوا ما عاهدوا الله عليه .
أول حقيقة :
﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾
يؤكدها :
﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾
2 ـ ثمن النصر الأوحد : إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ :
الحقيقة الثانية ، ثمن النصر الأوحد :
﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾
3 ـ الامتناع عن المحرمات و الشبهات نصر لدين الله تعالى :
أيها الأخوة الكرام ، هناك ثمن آخر ، أنت تنصر دين الله حينما تمتنع عن أكل الربا هذا نصر لدين الله ، حينما تمتنع عن الغيبة والنميمة ، حينما تمتنع عن أكل المال الحرام ، حينما تركل الدنيا بقدمك إن جاءت من طريق غير مشروع ، حينما تقيم قيمة لمنهج الله فأنت دفعت ثمن النصر :
﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾
4 ـ من أراد أن ينتصر على من هو أقوى منه فلينصر من هو أضعف منه :
هناك ثمن آخر ، الثمن الآخر يحتاجه المسلمون في كل بقاع الأرض يقول النبي عليه الصلاة والسلام :
(( إنما تُنصرون بضعفائكم ))
بالمجتمع أقوياء وضعفاء ، أغنياء وفقراء ، أصحاء ومرضى ، من عنده بيت يأوي إليه ومن ليس له بيت يأوي إليه ، إنسان متزوج ، إنسان بحاجة إلى الزواج ، هذا الضعيف إن كان فقيراً فأطعمته ، وإن كان جاهلاً فعلمته ، وإن كان مشرداً فآويته ، وإن كان بلا مأوى آويته ، إن كان بحاجة إلى علم علمته ، يعني هذا الضعيف أطعمته ، وسقيته ، وآويته ، وعالجته ، وعلمته ، ونصرته :
(( إنما تُنصرون بضعفائكم ))
المكافأة من جنس العمل :
حينما تنصر من هو أضعف منك وبإمكانك أن تهمله ، وبإمكانك أن تتجاوزه ، وبإمكانك أن تضيق عليه فوق أنك أهملته هو ضعيف لا يستطيع أن يقف في وجهك ، أنت حينما تهتم بهذا الضعيف ، حينما تهتم به فتطعمه ، أو تسقيه ، أو تؤويه ، أو تعالجه ، أو تعلمه ، أو تنصفه :
(( إنما تُنصرون بضعفائكم ))
عندئذ يتولى الله مكافأتك أيها المؤمن من جنس عملك ، ينصرك على من هو أقوى منك ، إن أردت أن تنتصر على من هو أقوى منك فانصر من هو أضعف منك :
(( إنما تُنصرون بضعفائكم ))
وفي رواية
(( هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ ))
فالمجتمع حينما يكون فيه ضعفاء يسحقون ، حينما يكون فيه ضعفاء يظلمون ، يجوعون ، يشردون ، لا أحد يعبأ بهم فالله سبحانه وتعالى لا يمكن أن ينصر هؤلاء على من هو أقوى منهم :
(( هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ ))
النصر من عند الله ، ثمنه الأول :
﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾
ثمنه الثاني :
(( إنما تُنصرون بضعفائكم ))
شروط النصر :
1 ـ الإيمان بالله :
الآن شروط النصر ، أول شرط أن تكون مؤمناً لقوله تعالى :
﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
حينما تأتي على مع لفظ الجلالة معنى ذلك أن الله تولى بذاته نصر المؤمن ، يعني الله عز وجل أنشأ لك حقاً عليه ، قال تعالى
﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا ﴾
هذا اسمه الإلزام الذاتي :
﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
الإيمان أحد شرطي النصر لكنه شرط لازم غير كاف
أي إيمان ؟ أهم شيء في هذه الكلمة ، الإيمان الذي يحملك على طاعة الله ، والإيمان الذي لا يحمل على طاعة الله لا قيمة له إطلاقاً ، ولا وزن له إطلاقاً ، ولا يقدم ولا يؤخر ، الإيمان الذي يحمل على طاعة الله ، الإيمان الذي يقودك إلى الطاعة ، الإيمان الذي يجعلك تقف الموقف الصحيح ، الإيمان الذي يجعلك تعطي حينما يجب أن تعطي ، وألا تعطي حينما يجب ألا تعطي ، الإيمان الذي يحملك أن ترضى حينما ينبغي أن ترضى ، وأن تغضب حينما ينبغي أن تغضب ، الإيمان الذي يحملك أن تصل إن كان الله يأمرك أن تصل ، والإيمان الحقيقي هو الذي يحملك على أن تقطع إذا كان ينبغي أن تقطع ، الإيمان الذي يترجم إلى عمل ، الإيمان الذي يترجم إلى ورع ، إلى وقف عند كتاب الله ، إلى أخذ الحلال وركل الحرام ، إلى طلب العلم لا طلب اللهو ، إلى طلب الحق لا طلب الباطل ، إلى إرادة الآخرة لا إلى إرادة الدنيا ، هذا الإيمان الذي يترجم إلى عمل ، إلى موقف ، إلى سلوك ، إلى أخذ ، إلى عطاء ، إلى رضا ، إلى غضب ، إلى صلة ، إلى قطع ، هذا الإيمان الذي يترجم إلى سلوك ، حركة ، موقف ، هذا الإيمان أحد شرطي النصر ، لكنه شرط لازم غير كاف ، لا يكفي أن تقول أنا مؤمن يا رب ، إيمانك لا يكفي لابدّ من أن تؤمن ولا يكفي إيمانك ، شرط لازم غير كاف .
2 ـ إعداد العدة المتاحة :
الشرط الثاني أن تعد للعدو العدة ، نائم ، مسترخٍ ، كل شيء يؤجل ، من دون تخطيط ، من دون جهد ، من دون حركة ، من دون إنجاز ، يا رب نحن مؤمنون انصرنا ، هذا مستحيل وألف ألف مستحيل ، نحن فوجئنا اليوم أن عندهم سلاح مضاد للدروع دمروا ثلاث دبابات ، صح ، فوجئنا أسقطوا طائرة ، هذه كلها مفاجآت سارة معنى ذلك لما رفضوا متابعة التهدئة أعدوا ، هكذا قال أحد الأخوة الكرام ، منهم من قال نحن أعددنا يا رب ، ونسأل الله أن ينتصروا ، ادعُ ربكم ليلاً نهاراً أن ينتصروا ، القضية حاسمة جداً ، يعني إن لم ينتصروا تطاول هؤلاء الأعداء على معظم الدول المحيطة بهم ، تطاولوا ، لذلك أول شرط أن تكون مؤمناً وإيمانك مترجم إلى سلوك ، إلى عمل ، إلى ورع ، إلى موقف ، إلى حركة ، لا إلى إعجاب سلبي بالإسلام ، ما شاء الله ما أعظم هذا الدين ، هذا الإعجاب السلبي مرض المسلمين ، لا يوجد مسلم إلا وهو معجب بهذا الإسلام إعجاباً سلبياً ، مرتاح لا يقدم ولا يؤخر ، ينتظر معجزة تأتي من السماء .
والله سمعت اليوم في مكان خارج دمشق جمع بعض النساء للتبرعات ، أخت كريمة من الصومال كل حليها قدمته وكل شيء تملكه قدمته ، هناك بذل ؟ عندئذ الله يرضى عنا .
إن لم تحرز شرف أن تكون من فرسان النهار فلا أقل من أن تكون من رهبان الليل :
بالمناسبة يا أيها الأخوة :
(( من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه به مات على شعبة من النفاق ))
إن لم تستطع أن تغزو فجهز غازياً ، إن لم يتح لك أن تصل إلى أرض المعركة جهز من يقاتل عنك ، هؤلاء يقاتلون عن الأمة الإسلامية بأكملها ، ويقاتلون عن الأمة العربية ، فإن لم تحرز شرف أن تكون منهم لا أقل أن تدعمهم بمالك ، وإن كنت صادقاً بدعمهم بمالك لابدّ من أن تجد قناة نظيفة سالكة إليهم .
(( مَنْ جَهّزَ غَازِياً في سَبِيلِ الله فقد غَزَا ، وَمَنْ خَلَفَ غَازِياً في أهْلِهِ فَقَدْ غَزَا ))
(( مَنْ جَهّزَ غَازِياً في سَبِيلِ الله فقد غَزَا ، وَمَنْ خَلَفَ غَازِياً في أهْلِهِ فَقَدْ غَزَا ))
فإن لم تجهز غازياً ولم تخلف غازياً في أهله وبكيت ، بكاؤك عند الله مقبول ، أو دعوت له ، قال لي أخ : جاءتني رسالة فبكيت على الهاتف ، مضمون هذه الرسالة إن لم تحرز شرف أن تكون من فرسان النهار فلا أقل من أن تكون من رهبان الليل ، تدعو لهم ، ودعاء الأخ لأخيه في ظهر الغيب لا يرد ، ادعُ لهم من أعماقك ، يا رب انصرهم ، يا رب ثبتهم ، يا رب حقق لهم النصر ، اجعل تدمير أعدائهم في تدبيرهم ، اجعل الدائرة تدور عليهم ، يا رب أرنا قدرتك فيهم .
المسلمون نائمون في ضوء الشمس و الأعداء يعملون في الظلام :
إذاً شروط النصر ، الإيمان الذي ينقلب إلى عمل ، إلى سلوك ، إلى أن تقف عند حدود الله ، إلى أن تعطي لله وأن تمنع لله ، وأن ترضى لله وأن تغضب لله ، وأن تصل لله وأن تقطع لله ، هذا الإيمان إذا ترجم إلى عمل ، أي طالب بقيمة الشهادة الثانوية ، معنى مؤمن ترك أصدقاءه جميعاً عكف على القراءة ، والدراسة ، والتحضير ، والسؤال ، والجواب ، ما دام مؤمناً بقيمة الشهادة الثانوية وبالتجميع الكبير ليكون طبيباً له سلوك خاص ، قال تعالى :
﴿ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ﴾
هذا الإيمان ، الإيمان شرط أول ولا يكفي ، لو كنت مؤمناً ، مؤمن مستقيم على العين والرأس لكن لم تحقق شرطي النصر معاً ، أعدوا لنا ولم نعد لهم ، أعدوا لنا أسلحة فتاكة ، أسلحة جرثومية ، أسلحة كيماوية ، ألقوا قنبلة انشطارية ، ألقوا قنبلة فسفورية نابال ألقيت اليوم في غزة ، أعدوا لنا أسلحة فتاكة رهيبة ، ونحن أعددنا لهم متأخرين ، ما قولكم من مئتي عام لو أعددنا لأعدائنا ، طائرةb52) ) تخرج من أمريكا وتقصف في أفغانستان وتعود إلى أمريكا من دون أن تتزود بالوقود ، أعدوا لنا ، لما أعدوا لنا نحن نائمون وهم يقظون ، نحن نائمون في ضوء الشمس وهم يعملون في الظلام ، لكن الذي يعمل في الظلام أقوى ممن ينام في ضوء الشمس ، ضوء الشمس هو الوحي أما الظلام هو الجهل ، هم على جهلهم وبعدهم عن دين الله يعملون .
معاناة المسلمين اليوم نتيجة تراكم الأخطاء و عدم إعداد القوة :
سامحوني بهذه الكلمة ما يعانيه المسلمون اليوم نتيجة أخطاء عمرها مئتا عام سابقة ، تراكمت أخطاؤنا وتراكم إهمالنا ولم نعد لأعدائنا العدة ، هم أعدوا لنا ، أعدوا لنا كل شيء ، نتحدث عن الغربيين ، أعدوا ففرضوا ثقافتهم على العالم كله ، وفرضوا إباحيتهم على العالم كله ، وفرضوا صحونهم على العالم كله ، وتفننوا بإذلال الشعوب ومحو ثقافتها ، تفننوا بإلقاء الرعب فيها ، مرة أنفلونزا الطيور والله مفتعلة ، مرة المجاعات ، نظرية مالتوس ، مرة غذاء الفقراء القمح ، الشعير ، الذرة ، فول الصويا ، صار وقوداً للطيران ، الأسعار ارتفعت عشرة أضعاف ، وهذه الضربة القاصمة من الله ضربة الأزمة المالية ، الإعصار المالي ، تسونامي المالي ، هذه الضربة القاصمة عقاب إلهي لهم ، تلاعبوا بالأسعار ورفعوا الأسعار رفعاً مفتعلاً ما الذي حصل ؟ البرميل كان ثمانية ونصف دولاراً ، صار مئة وخمسين ، رجع أربعة وثلاثين ، ما الذي حصل ؟ الطلب هو هو ، المركبات هي هي ، الحقيقة هناك حيتان بالعالم الغربي همهم جمع المليارات من لقمة فم الجائع ، ينزعون اللقمة من الجياع ليجمعوا ثروة طائلة فعاقبهم الله ، خمسة وعشرون تريليون دولار بعض خسائر هذه الأزمة المالية الأخيرة ، هذه ضربة قاصمة من الله ، لا تقنطوا من رحمة الله ، ضربة قاصمة ، فلذلك هناك إيمان مترجم إلى عمل وهناك استعداد :
﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ﴾
أمر إلهي وكل أمر يقتضي الوجوب ، أعجبتني كلمة قالها قيادي كبير في أخوتنا الكرام في غزة : نحن يا رب أعددنا لهم ، اليوم فوجئت هناك b29) ) أي سلاح ضد المدرعات ودمروا ثلاث دبابات ، فوجئت أنهم أسقطوا طائرة ، معنى ذلك هم صدقوا ما عاهدوا الله عليه .
النصر من عند الله وله ثمن ؛ ثمنه الإيمان والإعداد :
أيها الأخوة الكرام ، اعتقدوا يقيناً أن النصر من عند الله وله ثمن ، إن لم تدفع ثمنه لا تحلم به ، مهما دعوت ، مهما رفعت صوتك بالدعاء ، مهما قلت ، مهما تبجحت ، إن لم ندفع ثمن النصر لن نحلم به هذا إيماني ، ثمنه الإيمان الذي يترجم إلى عمل وإعداد ، لكن رحمة الله تعالى كانت في أن الله ما كلفنا أن نعد القوة المكافئة فوق طاقتنا ، يعني غرفة النوم بالعراق تقصف من باخرة في إيطاليا ، هل هناك من دقة أشد من هذه الدقة ؟ بحرب الخليج ، غرف نوم القصر في العراق قصفت انطلقت القذيفة من باخرة في إيطاليا ، ماذا قال النبي عليه الصلاة والسلام :
(( ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ))
دقة الرمي أحد أكبر أسباب القوة ، إذاً الإيمان والإعداد ، آمن بالله ، أقم أمره ، أعد للطرف الآخر قوة ، ما كلف أن تعد القوة المكافئة أبداً لكن كلفك أن تعد القوة المتاحة ، ما أتيح لك ، والدليل :
﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ﴾
كلمة ما استطعتم رحمة من الله ، ما كلفنا أن نعد القوة المكافئة بل كلفنا أن نعد القوة المتاحة فقط ،
﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم ﴾
المؤمن حينما يؤمن الإيمان الصحيح و يعد للعدو ما يستطيع فقد استحق النصر :
الآن هناك نصر استحقاقي :
﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾
المؤمن حينما يؤمن الإيمان الصحيح الذي يحمله على طاعة الله ، وحينما يعد للعدو ما يستطيع فقد استحق النصر ، إياكم أيها الأخوة أن تتعاملوا مع الله تعاملاً كيفياً ، الله له قوانين ما لم تخضع إلى هذه القوانين لن تصل إلى شيء ، عفواً بنظام بلدنا هل يستطيع شخص قرأ كم مجلة طبية يكتب الدكتور فلان ؟ يحتاج إلى ابتدائي وإعدادي وثانوي و أن يكون مجموعه "230" فما فوق ، وسنة أولى علوم عامة ، وسنة ثانية تشريح ، وسنة ثالثة فيزيولوجيا ، وسنة رابعة عن الأمراض ، وسنة خامسة علم الأدوية ، يأخذ إجازة بالطب ، يحتاج إلى دبلوم عام ، دبلوم خاص ، وماجستير ، ودكتوراه ، لا يكفي يحتاج إلى بورد ، حتى يكتب بورد الدكتور فلان ، دارس ثلاث وثلاثون سنة ، هل يستطيع إنسان قرأ كم مجلة طبية عنده ميل لبعض الموضوعات الطبية أن يصبح طبيباً ، ما لم تدفع ثمن النصر لا تحلم به أنا أخاطب الشباب ، إن كنت تحب هذه الأمة الذي قال الله عنها :
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾
قوي هذه الأمة باختصاصك ، ادرس .
على كل إنسان أن يخدم أمته باختصاصه و يقدم لها الشيء الكثير :
كل واحد منا يستطيع أن يعد للعدو العدة ، أنت طالب مكلف أن تكون متفوقاً بالدراسة ، أحياناً نحضر خبيراً يأخذ بالشهر خمسمئة ألف بحاجة له ، فإذا شخص كان من بلدنا معه اختصاص عالٍ معنى ذلك قدم لأمته خدمة كبيرة ، أنت أيها الطالب ادرس ، أيها التاجر قدم للناس بضاعة جيدة بسعر معتدل أكبر خدمة ، أنت أيها المعلم علم طلابك لا تعلم بقدر الراتب الطالب ليس له ذنب ، أيها المدرس ، أيها المهندس ، أيها العالم ، أيها الداعية ، كل واحد منا له هوية ، له هوية مهنية ويستطيع أن يخدم أمته بهذه الهوية ، ترى معلماً يخاف من الله يعلم الطلاب تعليماً جيداً جداً ، تجد الأهل ممنونين منه ، يأتي الابن يتكلم عن أستاذه هكذا علمنا ، هكذا بيّن لنا ، الله يجزيه الخير ، هذا أكل معاشه حلالاً ، وهناك معلم ارسموا تفاحة فقط ونام ، يقرأ مجلة ، فأنت تستطيع أن تخدم أمتك بحرفتك فقط ، كنت معلماً ، مهندساً ، طبيباً ، صيدلياً ، الدواء انتهى مفعوله ثمنه ثمانمئة ليرة يحك محل النهاية ، أنت بعت دواء فاسداً يؤذي الناس ، الطبيب والمهندس والمدرس والمحامي ، كل واحد يخدم الأمة باختصاصه إذا صدق ،
﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم ﴾
والضابط يعد لأمته ، يقوي معلوماته العسكرية ، يقوي اطلاعه ، وكل واحد منا يمكن أن يقدم لأمته الشيء الكثير .
أنواع النصر :
1 ـ النصر الاستحقاقي :
أيها الأخوة الكرام ، إذا قدمت للأمة علماً وإيماناً دفعت ثمن النصر عندئذ ننتصر بما يسمى النصر الاستحقاقي .
2 ـ النصر التفضلي :
لكن في القرآن الكريم آية لا تستطيع أن تقول نصراً استحقاقياً ، قال تعالى :
﴿ الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ (3) ﴾
الروم أهل الكتاب هناك قواسم مشتركة بيننا وبينهم :
﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ (5) ﴾
هناك نصر سماه العلماء نصراً تفضلياً ، ونحن يا رب إن كنا لا نستحق النصر استحقاقاً نرجو الله أن ينصرنا تفضلاً ، والله بصراحة لا نستحق ، إن كنا لا نستحق النصر استحقاقاً نرجو الله أن ينصرنا تفضلاً ، هذا الثاني .
3 ـ النصر الكوني :
إذا كان المتحاربان بعيدين عن الله بعد الأرض عن السماء من ينتصر ؟ عندك طائرة مداها المجدي سبعة كيلو متر ، وهناك مئتا دبابة مداها المجدي ثلاثة كيلو متر ، طائرة واحدة تدمر مئتي دبابة ، من ينتصر ؟ الذي عنده طائرة مداها المجدي سبعة كيلو متر ، إذا لم يكن هناك إيمان موضوع القوة الذي عنده سلاح مداه المجدي أطول ، الذي عنده سلاح دقة إصابته أدق ينتصر ، هذا النصر اسمه نصر كوني ، الجهتان المتحاربتان ضالتان الأقوى ينتصر ، الأذكى ينتصر ، الأكثر عدداً ينتصر ، الأعظم سلاحاً ينتصر ، هذا النصر ليس له علاقة بدرسنا إطلاقاً .
4 ـ النصر المبدئي :
نحن طرف عندنا إيمان الحمد لله ، وإذا شخص كهؤلاء الذين قتلوا في هذه الأيام صائم مصلٍّ عقيدته سليمة جاءه صاروخ فقتله ، صاروخ على بيت قتل الجميع ، هذا الشهيد البطل الذي ما قبل أن يكون في بيت آخر حتى لا يسبب للآخر أن يموت في بيته ثلاثة عشر شخصاً ، وعالم ، عالم حديث وشجاع ، هذا منتصر ماذا نسمي النصر ؟ نصر مبدئي ، مات موحداً ، مات مستقيماً ، مات عابداً لله ، هذا منتصر في المآل ، صار عندنا نصر استحقاقي ، ونصر تفضلي ، ونصر كوني ، ونصر مبدئي .
الاستخلاف و التمكين و الأمن أكبر ثمار للنصر :
الله عز وجل إذا أكرمنا بالنصر نتائجه قال تعالى :
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي ﴾
الاستخلاف في الأرض ، والتمكين لهذا الدين العظيم ، والأمن الذي نمنح إياه :
﴿ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴾
أكبر ثمار للنصر الاستخلاف ، هذه الأمة كانت ترعى الغنم فلما تعرفت على الله واستقامت على أمره قادت الأمم ، كانت راعية للغنم فأصبحت قائدة للأمم ، وليس بمستبعد على الله عز وجل أن يعاد لهذه الأمة دورها القيادي .
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي ﴾
ثمن النصر عبادة الله عز وجل و تطبيق سنة النبي العدنان :
ثمن النصر أن تعبده ، قال تعالى :
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
والله أيها الأخوة ، هذه الآية وحدها لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآية لكفت ، مستحيل وألف ألف ألف مستحيل :
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
ما دامت سنة النبي عليه الصلاة والسلام قائمة في بيعنا ، وشرائنا ، وحركتنا ، وعطائنا ، ومنعنا ، ما دام هذا المنهج العظيم مطبق في حياتنا جميعاً ، هناك أشخاص يطبقون هذا المنهج لكن عددهم قليل ، لا يكفي أن يكون هناك حكم عام :
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾
من أراد النصر و سعى له عليه أن يغير ما بنفسه نحو الأفضل :
الشيء الآخر :
﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾
إن أردتم أن يغير الله ما بنا ، أي أن ننتصر ، أن نقوى ، أن نرفع رأسنا عالياً ، إذا الله أكرمنا بانتصار أخواننا في غزة أمام هذا الجيش العملاق الحاقد ألا نرفع رأسنا جميعاً بهم ؟ ألا نعتز بهم ؟ والله أنا علمي أن ملايين من الأمة الإسلامية يتمنون أن يكونوا معهم .